أصدر الشيخ الحسن بن علي الكتاني رسالة مطولة تناول فيها قضية مشاركة بعض العلماء وأتباع الطرق الصوفية في مناسبات مرتبطة بأعياد اليهود، معتبراً ذلك "منكراً عظيماً" يؤدي إلى "تشويه عقيدة المسلمين" وتضليل الناس. وجاء في نص الرسالة، التي نشرها موقع "هوية بريس"، أن مثل هذه المشاركة تمثل، في نظره، خرقاً لمقررات الشريعة وأحكام السلف، واستشهد بعدد كبير من الأدلة من القرآن والحديث وأقوال الفقهاء، ليؤكد رفضه الصارم لمبدأ مشاركة غير المسلمين في أعيادهم أو حتى تهنئتهم بها.
غير أن الرسالة، رغم طولها واستعراضها لنصوص دينية عديدة من تفسير الطبري والقرطبي وأحكام ابن تيمية وأقوال علماء المالكية، بدت متشددة في طرحها، إذ أغلقت المجال أمام أي اجتهاد معاصر قد يراعي السياق الحالي للعلاقات الإنسانية والدولية. فقد فُهم من مضمونها أن مجرد حضور أو تهنئة في هذه المناسبات يعادل "معصية عظيمة"، بل وأحياناً "شركاً مبطناً"، ما يجعل خطابها يقوم على الإقصاء والقطيعة بدل النقاش والتوازن. كما حملت الرسالة نبرة وعيد وتهديد ديني، مرتبطة بتفسيرات أحادية للنصوص، دون الإشارة إلى اختلاف اجتهادات العلماء أو محاولات مقاربة أكثر انفتاحاً تسمح بالتعايش، خصوصاً أن المغرب بلد متنوع تاريخياً ودينياً وله تقليد طويل في حماية اليهود المغاربة وضمان حقوقهم.
ويمكن القول إن التركيز المفرط على استدعاء مرويات متفرقة من عصور سابقة دون ربطها بالواقع الراهن يجعل مضامين الرسالة أقرب إلى خطاب تحريضي يكرس الانغلاق أكثر من كونه دعوة إلى حماية العقيدة الإسلامية. فبدل أن تفتح باب نقاش يوازن بين ثوابت الدين ومقتضيات التعايش، اختارت أسلوباً قطعيّاً يخلو من أي لغة تقريب أو وعي بتاريخ التعدد في المجتمع المغربي. الرسالة، التي جاءت بتاريخ ليلة الأول من ربيع الآخر لسنة 1447 هـ، تكشف في نهاية المطاف عن تعارض واضح بين التوجهات الصارمة لشريحة من العلماء وبين الحاجات الواقعية لمجتمع يسعى إلى إدارة تنوعه الديني والثقافي ضمن إطار من التسامح والتعايش.