من كتب الكتاب المقدس فعلاً؟

أضيف بتاريخ 09/27/2025
دار سُبْحة


كتاب "من كتب الكتاب المقدس فعلاً؟" للباحث ويليام إم. شنيدويند يستكشف رحلة تأليف النصوص التوراتية ويسعى للإجابة على واحد من أكثر الأسئلة تعقيداً في تاريخ الديانات: من هم الكُتّاب الحقيقيون للكتاب المقدس؟ ينطلق المؤلف من دراسات تاريخية وأثرية ونقدية ليبين أن الكتاب المقدس ليس نتاج شخص واحد أو عصر بعينه، بل تراكم المعارف والتعاليم والأساطير والثقافات على مدى قرون طويلة. يركز الكتاب بشكل خاص على الدور المركزي للنساخ والكُتّاب المحترفين في المجتمعات اليهودية القديمة، ويفصل كيف أن هؤلاء كانوا ينسخون، يراجعون ويُعيدون صياغة النصوص الدينية بحسب الاحتياجات الاجتماعية والسياسية والثقافية لعصرهم.

يُظهر الكتاب أن الموروث الشفهي والتحرير النصي المستمر لعبا دوراً أساسياً في نقل وتغيير روايات الكتاب المقدس، إذ لم تكن النصوص ثابتة بل خضعت للتحوير والتعليق والتفسير من جيل إلى جيل. يسلط المؤلف الضوء على أن فهم النصوص يتحقق عبر دراسة الظروف التي عاش فيها الكتّاب الأصليون، وعبر تتبع كيف أثرت الأحداث التاريخية، مثل السبي البابلي وتأسيس المملكة اليهودية، في تبديل القراءة والتأويل. يقدم المؤلف نظرة معمقة حول كيفية تبلور التقاليد وتراكم الروايات الدينية، ويكشف عن الصراعات الداخلية بين فئات الكهنة والنساخ ورجال السلطة السياسيين التي أثرت في محتوى الكتاب المقدس وصياغته النهائية.

وبذلك، يدعو الكتاب القارئ لمراجعة الصور النمطية حول "الوحي" و"الكتابة الإلهية"، ويشدد على أن الكتاب المقدس هو نتاج جهد بشري وجماعي متراكم، يجمع بين الوحي الإيماني والعمل الثقافي اليومي، وأن رحلة النص لا تنفصل عن رحلة البشر في تصوير علاقتهم بالله والتاريخ والمجتمع.