في تحليل نشره موقع "الجزائر باتريوتيك" بتاريخ 1 أكتوبر 2025، يكشف الباحث والكاتب خضر مسلوب عن تحول جذري في المشهد الديني والثقافي الجزائري، مسلطاً الضوء على ظاهرة اجتماعية تستحق الدراسة والتحليل.
يشير مسلوب في تحليله الشامل إلى أن الإسلاميين، رغم هزيمتهم عسكرياً في العشرية السوداء، نجحوا في تحقيق نصر ثقافي أكثر تأثيراً وديمومة. فبعد فشل العنف المسلح في تسعينيات القرن الماضي، تحول نفوذهم إلى ما يسميه "الإسلام الثقافي" الذي تغلغل بعمق في النسيج الاجتماعي الجزائري، مُحدثاً تغييرات جوهرية في السلوك المجتمعي.
ويرصد التحليل ظاهرة جديدة تتمثل في تحول المواطن العادي إلى ما يشبه "الشرطي الديني" الذي يراقب سلوك الآخرين ويحاول فرض نمط حياة معين عليهم، وهو نمط يمتد تأثيره حتى خارج حدود الوطن في أوساط الجالية الجزائرية بالخارج. هذا التطور، حسب الكاتب، أدى إلى تراجع ملحوظ في التنوع الثقافي والفكري الذي كان يميز المجتمع الجزائري تاريخياً.
ويؤكد مسلوب أن المؤسسات التعليمية لعبت دوراً محورياً في هذا التحول، حيث أصبحت المدارس، إلى جانب الأسرة، منصات لترسيخ هذا الفكر الأحادي. وقد تزامن هذا مع تراجع دور المثقفين والنخب التقليدية في تشكيل الوعي المجتمعي.
ويتطرق التحليل إلى التأثيرات الاقتصادية لهذا التحول، مشيراً إلى تنامي ظاهرة "الرأسمالية الإسلامية" التي تمزج بين الخطاب الديني والممارسات التجارية، وهو ما يراه الكاتب تحولاً عن القيم التقليدية للمجتمع الجزائري.
كما يرصد الكاتب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز هذه الظاهرة، حيث أصبحت منصات رقمية وسيلة لنشر وترسيخ هذا النمط الفكري الجديد، خاصة بين فئة الشباب.
وفي تحليل للمستقبل، يحذر مسلوب من تداعيات هذا التحول على التماسك المجتمعي والهوية الوطنية الجزائرية، مشيراً إلى ضرورة إيجاد توازن بين الحفاظ على القيم الدينية الأصيلة وبين الانفتاح على التنوع الثقافي والفكري.


