‎محمد نور الدين أفاية يفكك جدلية التعددية وحرية التعبير

أضيف بتاريخ 10/30/2025
دار سُبْحة


يطرح محمد نور الدين أفاية في مقال له نشر بموقع Quid مسألة التعددية وحدودها ضمن المشهد الإعلامي والاجتماعي في المغرب، متسائلًا عن توازن الحرية مع ما يعتري المجال العمومي من أزمة ثقة واتساع دائرة الشكوك المتبادلة. ينطلق من ملاحظة أن التعددية تُرفع كشعار للحداثة والديمقراطية، ولكنها تصطدم مرارًا بنزاعات هيمنة الخطاب الواحد والرقابة الذاتية والخوف من الانحراف. الحرية، بالنسبة له، ليست مجرد شعار براق، بل مسؤولية جماعية تتطلب نقاشًا عقلانيًا وأخلاقيًا يتجاوز حمى الاصطفاف والصراع حول الرموز والولاءات الشخصية أو الإيديولوجية.

يعالج أفاية إشكالية استخدام التعددية كسلاح ناعم قد يتحول، بمرور الوقت، إلى شكل من أشكال الشرذمة والتمييع بدل أن يصبح منصة لبناء المعنى المشترك والتآلف السياسي. فتحت ضغط الوسائط الجديدة، أصبح المشهد الإعلامي عرضة لتكاثر أصوات دون مرجعية واضحة، ما جعل التواصل أقرب إلى التنافر منه إلى الحوار البناء. يشير الباحث إلى خطورة أن يتحول الفضاء العمومي إلى “سوق” للمزايدات الكلامية، حيث تطغى التصريحات الانفعالية على المساءلة النقدية الحقيقية، ما يؤدي إلى إضعاف ثقة المواطن في قدرة الإعلام على نقل صورة صادقة عن واقع المجتمع وتحدياته.

ويعتبر أن التعددية تدعم فعليًا إمكانيات الانفتاح عندما تتأسس على قيم احترام الاختلاف والبحث الصادق عن الحقيقة، لا على المزايدة أو تصفية الحسابات. لذا تحتاج الممارسة الإعلامية إلى تحصين أخلاقي، يحمي الحرية من “فوضى الأصوات” ويحفظ النقاش العمومي من التفكك. ويدعو محمد نور الدين أفاية إلى تجديد العلاقة مع مفهومي الحرية والتعددية عبر تبني وعي نقدي يدرّب الأفراد والمؤسسات على الإنصات للرأي المخالف، ويحض على المسؤولية في اختيار اللغة والمواضيع، حتى تظل التعددية عامل تقوية للنسيج الوطني لا وصمة على جبين المجتمع.

في هذا السياق، يؤكد الكاتب أن المستقبل الديمقراطي للمغرب لن يتحقق إلا إذا تعمقت ثقافة الاختلاف، وتكرست حرية التعبير كقيمة تأسيسية، وصين التعدد بوصفه ثروة جماعية وآلية للوقاية من الانغلاق والتصلب. بذلك تتجدد مكانة الإعلام ويستعيد المواطن ثقته في النقاش العمومي كمدخل للتحول الديمقراطي الفعلي.