في حوار مطول مع الصحفية أبولين دو ماليرب على قناتي "RMC" و"BFMTV" بتاريخ 4 نوفمبر 2025، تناول الباحث الفرنسي جيل كيبيل، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، مظاهر التحول في التهديد الإرهابي الذي يواجه فرنسا، مؤكداً أن "الخطر لم يختفِ بل غيّر طبيعته".
كيبيل، الذي أصدر مع المدعي العام السابق لمكافحة الإرهاب جان فرانسوا ريشار كتاباً بعنوان *"مكافحة الإرهاب: مطاردة الجهاديين"*, أوضح أن التهديد لم يعد يتمثل في هجمات منظمة كالتي ارتكبها تنظيم داعش قبل نحو عقد، بل في ما سماه "الجهادية الجوية" أو "جهادية الأجواء"، أي تلك التي تتغلغل في السلوك الاجتماعي والافتراضي عبر الشبكات الاجتماعية والتأثير الرقمي.
وأشار إلى أن تقارير رسمية فرنسية حديثة حذّرت من "الأنترسم"، أي محاولات اختراق مؤسسات الدولة والمجتمع من قبل قوى إسلامية متطرفة، سواء مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين أو بالجمهورية الإسلامية الإيرانية. وقال كيبيل إن هذه الحركات تعمل على "إعادة تشكيل النقاش العام من الداخل"، مستفيدة من وسائل التواصل الحديثة ومن ثغرات في المشهد السياسي الفرنسي.
واعتبر الأستاذ الجامعي أن الجهاديين الجدد يعتمدون على وسائل أكثر ناعمة، مثل المحتوى الرقمي والخطاب الهويّاتي، مضيفاً أن "الشباب يمثلون اليوم الفئة الأكثر عرضة"، نظراً لانقطاعهم عن القراءة التقليدية واستغراقهم في المحتوى السريع والسطحي الذي يحمل أحياناً بذوراً من خطاب الكراهية أو الانغلاق.
وتطرق كيبيل إلى الدور الوظيفي للسوق والربح الاقتصادي في نشر ما وصفه بـ"الجهاد عبر السوق"، في إشارة إلى سياسات بعض العلامات التجارية الكبرى التي تستغل القيم الدينية أو الثقافية لتحقيق مكاسب مادية، ما يساهم – بحسبه – في "تطبيع ثقافي لمظاهر الانعزال والانقسام".
وفي ختام الحوار، شدد الباحث على أن فرنسا ما زالت تواجه تحديات فكرية وأمنية كبرى، ليس فقط من الخارج، ولكن من داخل نسيجها الاجتماعي ذاته، نتيجة ما وصفه بـ"تحالفات ظرفية بين اليسار المتطرف والجماعات الإسلامية"، والتي، برأيه، "تغذي استراتيجية تفكيك المجتمع من الداخل".


