المعرضة الكبرى: دلالة تاريخية ودينية لتقديم مريم العذراء إلى الهيكل في القدس

أضيف بتاريخ 12/03/2025
دار سُبْحة


يُحتفى يوم الثالث من ديسمبر 2025، وفقًا للتقويم اليولياني الذي تعتمده الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، بعيد تقديم السيدة مريم العذراء إلى الهيكل، وهو حدث يحمل أبعادًا رمزية وجذورًا عميقة في التراثين الكتابي والكنسي. أما في التقويم الغريغوري السائد لدى الكنائس الكاثوليكية، فيوافق الاحتفال بهذا العيد يوم الواحد والعشرين من نوفمبر، مما يعكس التباين الزمني بين المرجعيتين التقويميتين التي لا تلغي وحدة المناسبة في بعدها الروحي والثقافي.

يروي التقليد المسيحي أن والدي مريم، يواكيم وحنة، قدماها إلى هيكل القدس وهي طفلة وفاءً لنذر قطعاه. هذا الحدث يُنظر إليه كرمز لطهارة العذراء وتهيئتها لرسالتها الفريدة: الأمومة الإلهية. ومن هنا، يكتسب العيد أهمية خاصة في اللاهوت المسيحي، حيث يُعد من الأعياد الكبرى المستندة إلى التقليد وليست مذكورة نصًّا في النصوص القانونية للكتاب المقدس، لكنه احتل مكانة مركزية في الطقوس والتجليات الفنية والموسيقية عبر القرون.

يمثل اختلاف التاريخ بين التقويم الغريغوري والتقويم اليولياني مثالًا على التنوع في حساب الزمن الكنسي، ويبرز كيف أن الذاكرة الدينية تتجاوز الإطار الزمني الدقيق لتوحّد الطوائف حول فكرة جوهرية مشتركة. وهذا التقاطع الزمني يثري النقاشات المعاصرة حول وحدة المرجعية الإيمانية على الرغم من التباينات المذهبية والتاريخية.

الاحتفاء بهذا العيد في الأوساط الأرثوذكسية يُشدد على أهمية النذور الشخصية والعائلية، ويمثل لحظة التذكير بالدور المركزي للمرأة في مسار الخلاص المسيحي. وهو احتفال لا يقتصر على الجانب الليتورجي، بل يُلهِم الكثير من الفنون الشعبية والدينية، ويخلق فضاءً للحوار الثقافي بين المسيحية الشرقية والغربية من خلال رمز مريم العذراء كجسر روحي وحضاري بين الأزمنة والتقاليد.

في السياق المعاصر، يولي المؤمنون لهذا اليوم قيمة خاصة، إذ يمثل فرصة لاستعادة معاني الطهارة والتكريس والتسليم، في ظل عالم سريع التحوّل، حيث يعيد الأفراد والجماعات اكتشاف تواصلهم مع جذورهم الروحية عبر محطات التقويم الديني، بغض النظر عن الفوارق الزمنية التي فرضتها التطورات التاريخية في حساب الوقت.