يتعامل الخطاب الرسمي والإعلامي في إيران مع فوز زهران مامداني بمنصب عمدة نيويورك بوصفه إشارة رمزية تتقاطع مع رواية الثورة الإيرانية عن "العدالة ومناهضة الهيمنة". جاء الفوز في توقيت لا يخلو من دلالة بالنسبة لطهران، تزامناً مع إحياء ذكرى 4 نوفمبر وملف اقتحام السفارة الأميركية وما يُعرف داخلياً بـ"يوم مقارعة الاستكبار العالمي"، وهو سياق تُوظَّف فيه الرمزية لتأكيد حضور الأفكار الثورية في قلب المدن الغربية الكبرى.
في قراءات فؤاد إيزادي، وهو أكاديمي من جامعة طهران، يظهر الربط بين حملة مامداني وقضايا العدالة الاجتماعية ودعم القضية الفلسطينية ومكافحة العنصرية باعتبارها عناصر تُخاطب جمهوراً أميركياً يتغيّر ثقافياً وسياسياً تحت تأثير حركات المناصرة والتحولات الدولية. هذه الأطروحة تُقدَّم كدليل على أن خطاب العدالة ومناهضة الهيمنة يجد مساحة في مؤسسات الحكم المحلي بالولايات المتحدة، لا سيما مع تصاعد أدوار النشطاء والحركات الطلابية التي سبق لإيران أن خاطبتها رمزياً عبر مبادرات جدلية مثل عروض الدراسة المجانية للطلاب المفصولين بسبب مواقفهم المناهضة لإسرائيل.
لكن فعالية الرمزية تبقى محدودة ما لم تُسندها قوة مادية أو تغييرات بنيوية في النظام الدولي. الخبرة الإيرانية مع توظيف الأحداث الخارجية تؤكد أن المكاسب المعنوية تُستثمر داخلياً لتغذية السردية الثورية وتعزيز الصمود السياسي، بينما الترجمة العملية خارج الحدود تحتاج إلى أدوات قوة وسياسات متسقة وقدرة على بناء تحالفات أوسع. بهذا المعنى، يُقرأ فوز مامداني في طهران كحالة اختبار: مؤشر على قابلية خطاب العدالة للاختراق في مراكز القوة، دون افتراض قدرة فورية على تغيير موازين السياسات الأميركية.
مراجعة التحليلات الأميركية والعربية حول أثر هذا الفوز على الحزب الديمقراطي ومسار السياسة الحضرية تُظهر توقعات متباينة، لكنها تتفق على أن المشهد مقبل على منافسة أفكار أكثر جرأة في نيويورك.











