يستعرض كتاب "وداعًا سليمان، مسار إمام سلفي" للكاتب برونو غيو، الصادر عن دار نور العالم في باريس (2025)، التحولات الفكرية والروحية لشخصٍ نشأ في بلجيكا وسط عائلة كاثوليكية غير متدينة، قبل أن يصبح إمامًا سلفيًا ثم يقرر الخروج من الإسلام بسبب معايشته للتطرف الديني وتجارب شخصية قاسية.
يروي غيو في كتابه كيف قادته ظروف عائلية صعبة في سن المراهقة إلى اعتناق الإسلام بعد انخراطه في مجتمع يتميز بضيافة وعلاقات اجتماعية قوية، لكنه سرعان ما وجد في السلفية ملاذًا للبحث عن الأصالة الدينية. يوضح أن التزامه بهذا المنهج ترتَّب عليه عزل اجتماعي صارم وتحكم تام في تفاصيل حياته اليومية، بما في ذلك الزواج المرتب وتعليم المرأة، بالإضافة إلى سنوات قضاها في مصر والمغرب والسعودية، حيث اكتشف اختلاف ممارسات السعوديين عن نماذج السلفية المتشددة المعروفة في أوروبا.
يتعرض الكاتب، حسب ما ينقل الكتاب، لصدمات نفسية حادة عندما يطلب منه تزويج ابنته الصغيرة، وتجربة رفضه الخضوع لأعراف متطرفة، ما أثار لديه الشكوك حول تعاليم السلفية. ويصف التحول النهائي بأنه جاء بعد معاناة من العنف ومشاهدة تطبيقات الشريعة وت reconnect مع والده المريض بالسرطان. يشير غيو إلى تأثير قصة صلب المسيح وإعادة اكتشافه للقيم الإنسانية كدافع رئيسي للخروج من الإسلام، معتبراً أن الحب هو جوهر الإيمان الحقيقي وأنه لا يجوز إعادة تفسير أحداث تاريخية شبه مُجمَع عليها لمنفعة دينية.
ولا يتوقف السرد عند التحول الشخصي؛ بل يتطرق الكتاب إلى الصعوبات التي واجهها الكاتب بعد إعلانه الخروج من الإسلام، بما في ذلك تهديدات بالقتل من دوائر سلفية متشددة في بروكسل، وشعور دائم بالخطر. مع ذلك، يصر غيو على أن رسالته اليوم تنبع من رغبة صادقة في توعية المسلمين بمخاطر التطرف ودعوة السلطات إلى مراقبة الكتب والخطابات المتطرفة المنتشرة في بعض المساجد والمكتبات. يسلط الضوء أيضًا على "ثقافة الكراهية" ضد اليهود المرتبطة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويحث المسلمين على الاعتراف بوجود مشكلة عنصرية في بعض الأوساط والتعامل معها بوعي ومسؤولية.
يُختتم الكتاب بأن برونو غيو، المعروف سابقاً بسليمان، يدعم اليوم مناقشة قضايا الإلحاد والتطرف ويقدم البلاغة والنصيحة للأسر التي تعاني من تطرّف الأبناء أو خوفهم من الخروج عن الدين، مشددًا على أن التغيير الداخلي يبدأ من إعادة النظر في المعتقدات بسلوك فردي مسؤول ومتسامح.
المصدر الرئيسي لهذا السرد والمقابلة هو كتاب "وداعًا سليمان، مسار إمام سلفي" تأليف برونو غيو، الذي صدر سنة 2025 عن دار نور العالم في باريس.


