تحولات العلاقة بين الديانات والمجتمعات في العصر الحديث: مشروع ReligiS

أضيف بتاريخ 10/12/2025
دار سُبْحة


خلال السنوات الأخيرة، أصبحت مسألة الأديان حاضرة بقوة وأكثر إثارة للجدل نظراً لتعقيدها الشديد وتعدد مظاهرها. فقد جرى النقاش العام حول قضايا عدة، مثل أصول الأصولية والتطرف، والآثار الجيوسياسية للأديان، وإدارة التعددية، وتعليم الدين في سياق العلمانية الفرنسية، وغيرها. وكل هذه التطورات تطرح أسئلة جديدة على المؤسسات المختلفة — من الحكومة والسلطات المحلية إلى المستشفيات والمدارس والعدالة والسجون والشركات. كما تؤثر هذه القضايا على أوروبا والعالم أجمع، حيث أصبح مكان الديانة في الفضاء العام سؤالاً مركزياً.

وفي هذا السياق، يركز مشروع "ReligiS" على دراسة تحول أنماط التفاعل بين الأديان والمجتمعات في العالم المعاصر، من خلال منظور طويل الأمد. ويسعى المشروع بالأساس إلى هدفين متكاملين: أولاً، داخل الإطار الأكاديمي الفرنسي، يعمل على تطوير إطار علمي جديد يتسم بالانفتاح والتعددية والتعاون الدولي، بهدف إعادة فهم عمليات التحول في العلاقة بين الدين والمجتمع. وثانياً، يطمح لإنشاء وسائل مؤسساتية تسمح بتغيير واسع النطاق في طرق نقل المعرفة الأكاديمية عن الأديان إلى صانعي القرار السياسي والمجتمع بشكل عام. وستتحقق هذه الطموحات عبر تأسيس "كلّيّة دولية لدراسة الأديان والمجتمع" (CI-ReligiS) في جامعة ستراسبورغ، والتي ستكون منصة تجمع جميع مراكز البحث المعنية بالدراسات الدينية في الجامعة وشركائها.

يتوزع مشروع ReligiS على عدة محاور عمل أساسية إلى جانب محور الإدارة، منها محاور موضوعية تتعلق بمكانة الدين في زمن العولمة وتساؤلات العلمانية، والتعامل مع التعددية الدينية كفرصة وتحدّي اجتماعي، وتحليل الدين في زمن صارت فيه الظاهرة الدينية معقدة وصعبة الفهم. أما المحاور العرضية، فتهدف إلى بناء مجتمع وطني قوي من الباحثين يشجع على التبادل والتنقل العلمي، وتعزيز استخدام الإنسانيات الرقمية في الدراسات الدينية، وخلق مركز تفكير جامعي للنقاش وتقديم الخبرات والمبادرات العلمية، وتوفير برامج تدريبية مهنية تواكب حاجات القطاعات المختلفة.

يقود المشروع جامعة ستراسبورغ، مستفيدة من خبرتها الطويلة والغنية في حقل الدراسات الدينية، بالاشتراك مع كونسورسيوم من كبريات المؤسسات الأكاديمية والبحثية الفرنسية (CNRS، جامعة لورين، EHESS، EPHE، INALCO، Sciences Po، جامعتا ليون 2 وليون 3، ENS-Lyon، جامعة إيكس مارسيليا، وغيرها)، إلى جانب شبكة واسعة من الشركاء الوطنيين والدوليين من مؤسسات عامة وجمعيات وهيئات علمية.

المشروع يمتد بين عامي 2025 و2031، ويمثل مبادرة مدعومة من الدولة الفرنسية في إطار برنامج فرنسا 2030، بدعم من الوكالة الوطنية للبحث العلمي (ANR).