إبراهام السرفاتي... مفكر مغربي وضمير ثوري بصوت يهودي-عربي من أجل فلسطين

أضيف بتاريخ 10/19/2025
عبر Orient XXI

تعيد إعادة إصدار "كتابات حول فلسطين" للمناضل المغربي اليساري إبراهام السرفاتي تسليط الضوء على مسار فريد بين الدفاع عن القضية الفلسطينية وفهم تعقيدات المسألة اليهودية الشرقية في إسرائيل. ولد السرفاتي عام 1928، وتعرض للسجن لأكثر من 17 عامًا في عهد الملك الراحل الحسن الثاني قبل أن يفرج عنه تحت ضغط دولي ويُنفى من المغرب، ثم يعود إليه ويستعيد حقوقه مع اعتلاء الملك محمد السادس العرش.



يمثل السرفاتي نموذجًا لليهودي العربي الرافض للصهيونية من منطلق تحليلي مؤسس، إذ يرى أن الصهيونية ظاهرة استعمارية غريبة عن ميراث اليهود العرب، الذين استقى وعيهم الروحي أساسًا من التصوف والمدرسة القَبّالية (كتاب الزوهار)، بخلاف الاتجاه الأوروبي العلماني المهيمن في إسرائيل. ولا تقتصر أطروحاته على نقد الاستيطان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين فحسب، بل يربط ذلك بتجربة اليهود الشرقيين (المزراحيين) الذين اعتبرهم "مستعمَرين من الداخل" داخل الدولة العبرية، مُبرزًا حجم التمييز الذي تعرضوا له.

تتمثل خصوصية فكر السرفاتي في دعوته الدائمة لاتحاد المزراحيين مع الجماهير الفلسطينية ضد المشروع الصهيوني، معتبرًا هذا التحالف ضروريًا لتغيير معادلات الهيمنة وأساسًا لأي مستقبل بديل — رغم ما قد يراه البعض ضربًا من الطوباوية، خاصةً مع انجذاب كثير من اليهود الشرقيين للأحزاب اليمينية الإسرائيلية.

في ما يخص الحلول السياسية، ورغم سعيه النظري في اتجاه دولة فلسطينية موحدة وديمقراطية، لم يستبعد السرفاتي خيار الدولتين كخطوة مرحلية تكون بمثابة نقطة انطلاق نحو تحقيق العدالة، وهو ما جعله يبدي حماسة تجاه اتفاقيات أوسلو بداية التسعينيات قبل أن يُصاب بخيبة أمل إزاء عدم تغيّر البنية الصهيونية في إسرائيل، ليعود لاعتقاده بأن أي مساس بجوهر المشروع الصهيوني خارج نطاق الممكن حتى مع الضغوط الدولية.

كتاب "كتابات حول فلسطين" الذي جمع نصوصه بين 1980 و2004، يُعتبر شهادة فكرية لا تخصّ التاريخ السياسي فحسب، بل تضيء على تاريخ اليهود العرب ومآزق الهويات المركبة في الشـرق الأوسط. وقد جاء تقديم المخرج الفلسطيني ميشيل خليفي للطبعة الجديدة ليمنح بعداً أدبيًا وإنسانيًا لهذا الإرث، فيما اختتمت الجمعية الفرنسية "تسيـديك" الكتاب بدعوة لإعادة الاعتبار لـ"يهوديتنا الثورية" كمجموعة.