شارك أكثر من مليون من المؤمنين الكاثوليك في الموكب الديني السنوي لتقبيل تمثال "الناصرى الأسود أو المسيح الأسود بالعاصمة مانيلا. وتجمع المؤمنون حفاة الأقدام على طول الطريق الذي يبلغ طوله سبعة كيلومترات لمحاولة رؤية أو لمس تمثال المسيح ذي الحجم البشري وهو يحمل صليبا. وقد نشرت الشرطة سبعة آلاف عنصر لضمان الأمن خلال هذا الطواف العجائبي الذي يصاب به مئات الأشخاص سنويا الذي يستمر حوالى عشرين ساعة. ويوقع قتلى أحيانا. علما أن ملايين إضافية من الفلبينيين سيلتحقون عبر القطار ولساعات طويلة جدا بمكان التمثال قصد الزيارة السنوية.
ويعقتد المؤمنون أن لمس المسيح يمكن أن يخفف الألم والمعاناة عنهم والتمتع بقدرات عجائبية. ومن لم يستطع اللمس يرمي بمناديل او يكتفي بلمس الحبل الذي يستخدم في النقل، معتقدين بأن أي اتصال مهما قل قربه من التمثال المقدس يمكن أن يفي بالغرض.
وروى جواكين بوردادو البالغ 70 عاما "لقد نجوت من جلطة دماغية بفضله (الرب). وسأقوم بهذا الحج في كل سنة حتى لو كان عمري مئة عام. لقد أمرني الرب بذلك ولا أشعر بأي تعب".
وحوله كان المؤمنون يصرخون "فيفا نازارينو" (يحيا الناصري) وهم يتدافعون لرؤية التمثال أو التقاط صور سيلفي معه. كما كان رجال ونساء وأطفال حفاة يتسلّقون على بعضهم البعض في محاولة لملامسة التمثال بمناديل بيضاء. (انظر الفيديو الملحقة)
ويمارس الكاثوليك في الفيلبين الذين يشكلون 80 % من سكان البلاد، إيمانهم بشغف كبير يصل أحيانا بحسب البعض لدرجة المبالغة. ففي هذا السياق؛ صلب، بمناسبة الاحتفال بذكرى آلام المسيح، ثمانية أشخاص بمسامير على خشبات في بلدات واقعة شمال مانيلا. وتدّق مسامير طولها 8 سنتيمترات في أيديهم وأرجلهم، وهم لا يمضون سوى بضع دقائق على خشبة الصليب، حيث توضع قطعة لتثبيت أجسادهم، قبل أن ينزلوا ويتلقوا العناية الطبية.
وقد سُمّي التمثال "الناصري الأسود" بسبب لونه القاتم العائد وفق الرواية إلى حريق اندلع في السفينة التي نقلته من المكسيك في العام 1606. وتعزز الاعتقاد بتمتع التمثال بقدرات عجائبية عبر القرون إذ صمد في وجه حرائق أخرى وزلازل فضلا عن القصف الذي تعرضت له مانيلا في العام 1945.
استذكر الفلبينيون، أمس، آلام المسيح في مسيرات تقليدية يوم الجمعة العظيمة، يتطوّع البعض فيها للصلب على طريقة يسوع، في حين يجلد البعض الآخر نفسه؛ تكفيراً عن خطاياه في الأرخبيل ذي الغالبية الكاثوليكية.
وكلّ سنة تستذكر بلدات كاملة صلب المسيح، في مسيرات من هذا النوع لا تحظى بموافقة الكنيسة لكنها تستقطب عدداً كبيراً من المؤمنين والسياح، منعشةً الحركة في البلد ومساهمةً في ازدهار الأنشطة التجارية على أنواعها.
وبين المتطوعين لهذه الطقوس امرأة واحدة، هي ماري جاين سازون (39 عاما)، تصلب للمرّة السابعة. وهي تقول: "من المهمّ أن أفي بوعدي، فالله يستجيب لصلواتي منذ أن أخذت على عاتقي هذا الالتزام".
وتجول مسيرات في البلدات لرجال عراة الصدر يجلدون أنفسهم للتكفير عن ذنوبهم، حتى يسيل الدم منهم أمام متفرّجين يحلو لهم التقاط صور سيلفي معهم.
وهذه الطقوس التي يمارسها المؤمنون، تكفيراً عن خطاياهم، أو امتناناً منهم للعناية الإلهية، لا تلقى استحسان الكنيسة الكاثوليكية في الفلبين، التي تذكّر بأن يسوع صلب للتكفير عن خطايا العالم، ولا داعي إلى تكرار هذه المحنة.
ويقول الأب روي بيلين الناطق باسم مطرانية مانيلا، أمس، إن "الكنيسة لا تحبّذ جلد النفس، والصلب بعد أكثر"، مشيراً إلى أن "المطلوب من الكاثوليك خلال الصيام، وفي أسبوع الآلام خصوصاً، هو أعمال رأفة تقدّم العون للفقراء والمحتاجين".
يذكر أن نحو 80 في المئة من سكان الفلبين هم من أتباع الديانة الكاثوليكية الموروثة من حقبة الاستعمار الإسباني، التي انتهت في أواخر القرن التاسع عشر.




