وفاة الشيخ جمال الدين القادري بودشيش: رحيل أحد أبرز أعلام التصوف المغربي

أضيف بتاريخ 08/09/2025
دار سُبْحة


في يوم الجمعة 8 غشت 2025، فقد المغرب الشيخ جمال الدين القادري بودشيش، شيخ الزاوية القادرية البودشيشية، بعد حياة امتدت لأكثر من ثمانية عقود، كرس خلالها جهده لنشر التصوف المعتدل ودعم قيم السلم والتعايش. نشأ الشيخ جمال الدين بمدينة مداغ بإقليم بركان وسط أجواء عائلية وموروث صوفي متجذر، وترعرع في حضن الزاوية قبل أن يتابع دراسته في مؤسسات تعليمية دينية مرموقة بالمملكة، حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية وناقش أطروحة دكتوراه حول مؤسسة الزاوية في المغرب.

بعد وفاة والده الشيخ حمزة القادري بودشيش عام 2017 تسلم جمال الدين مشيخة الزاوية بموجب وصية واضحة، واستمر في نهج القيادة الروحية العائلية التي تميز الطريقة البودشيشية. عرف بابتعاده عن الأضواء الإعلامية وبتكريس حياته لتربية المنتسبين وتعميق تجاربهم الروحية، واضعاً بين أعينهم ضرورة الوفاء للثوابت الوطنية ووحدة الأمة المغربية. وقبيل رحيله، أوصى بنقل الأمانة الروحية إلى ابنه الدكتور منير القادري بودشيش، ما يعكس حرصه على ضمان الاستمرارية وتنظيم انتقال القيادة داخل المدرسة الصوفية.

تعتبر الزاوية القادرية البودشيشية اليوم من أكبر المراكز الصوفية بالمغرب وشمال إفريقيا، إذ استطاعت في ظل قيادته أن توسع امتدادها وتكرس مكانتها كرافعة للحوار الروحي والدبلوماسية الدينية، مستقطبة آلاف المريدين سنوياً من داخل المغرب وخارجه. وبرحيل الشيخ جمال الدين، يفقد التصوف المغربي شخصية بارزة ساهمت في ترسيخ التقاليد الروحية ونشر قيم الثقافة الإسلامية المتسامحة، وسط تحديات معاصرة تتطلب تجديد الفكر الديني والحفاظ على خصوصية الهوية المغربية.

سيظل تاريخ الشيخ جمال الدين القادري بودشيش محفوراً في ذاكرة المغاربة، نموذجاً للزهد والقيادة الروحية الهادئة، ورسالة في ضرورة تعميق الحوار الديني وخدمة الإنسان من منطلق الحفاظ على السلام والوحدة الوطنية.