العصر الذهبي الإسلامي: كيف غيّر علماء بغداد وجه الرياضيات الحديثة

أضيف بتاريخ 09/27/2025
دار سُبْحة


تحمل كلمة "الجبر" في طياتها قصة حضارة بأكملها. في قلب بغداد، عاصمة الخلافة العباسية، وفي عصر الخليفة هارون الرشيد، ازدهرت العلوم والمعرفة في فترة عُرفت بالعصر الذهبي الإسلامي.

في بيت الحكمة البغدادي، برز العالِم محمد بن موسى الخوارزمي، الذي نَدين له بمصطلح "الخوارزميات" المستخدم اليوم في علوم الحاسوب. ألّف الخوارزمي كتابه الشهير "المختصر في حساب الجبر والمقابلة"، الذي أسس لعلم الجبر الحديث وقدم حلولاً عملية للمعادلات الرياضية.

وبينما كانت أوروبا تعيش عصورها المظلمة، حافظ العلماء العرب على التراث العلمي اليوناني وطوروه. امتد تأثير هذه النهضة العلمية من آسيا الصغرى إلى شمال إفريقيا والأندلس، مؤسسة لنظام رياضي عملي استفاد منه التجار والقضاة في معاملاتهم اليومية وحساب المواريث.

يُذكر أن مصطلح "الجبر" له جذور أعمق، حيث يرتبط بالكلمة الآشورية "gabru-maharu" التي تعني "المقابلة" أو "المساواة". وقد تبنى العرب هذا المصطلح وأضافوا إليه مصطلحهم الخاص "المقابلة"، ليصبح علم الجبر أساساً للرياضيات الحديثة.

لم يقتصر تأثير كتاب الخوارزمي على العالم العربي، بل امتد إلى أوروبا عبر الترجمة اللاتينية التي ظهرت عام 1145 بعنوان "Liber algebrae et almucabola"، لتصبح كلمة "algebra" جزءاً من المصطلحات العلمية العالمية.

وفي حين أن ديوفانتوس اليوناني قد وصل إلى مستويات عالية من التجريد الرياضي، إلا أن الخوارزمي قدم منهجاً عملياً سهل التطبيق، مما جعل كتابه مرجعاً أساسياً في تعليم الرياضيات لقرون عديدة.