في حوار مع صحيفة "لا كروا" الفرنسية (La Croix)، أكدت ليليا بن صدرين-ثابت، مديرة مهرجان الأيام المقدسة في ستراسبورغ، أن الحوار بين الأديان يشكل جوهر مسيرتها المهنية والجمعوية. ولدت ليليا لأب تونسي مسلم وأم فرنسية كاثوليكية، وقد ترسخت فيها روح التعددية الدينية منذ الطفولة حين اجتمع في منزلها مثقفون مسلمون ومسيحيون لتأسيس مساحات حوار مشترك.
نشأت ليليا في جزيرة جربة حيث غمرتها بيئة خصبة للنقاش الفكري حول الأديان، وكان والدها من المساهمين في تأسيس مجموعة البحث الإسلامي-المسيحي التي نظمت لقاءات للصلاة من أجل السلام. تعتبر ليليا تلك المرحلة "ثروة استثنائية" أثرت فيها بعمق.
ترى ليليا أن الحوار بين الأديان ليس فقط خياراً، بل هو مقاومة للكراهية والجهل والخوف والانغلاق. تؤمن أن الإنسان يُختزل أحياناً في انتماء واحد، لكن تجربتها علمتها الدفاع عن التعددية وشرح الآخر للآخرين، خاصة حين وُجهت بأسئلة عن هويتها الدينية والثقافية.
سافرت ليليا للدراسة في فرنسا وتتوجت مسارها الأكاديمي بماستر في الإسلاميات، ثم أصبحت فاعلة في مجال الحوار بين الثقافات ومساندة الأزواج المختلطين دينياً. وتترأس اليوم لجنة الحوار الديني بمجلس أوروبا، كما تنتمي إلى جمعية الصداقة الإسلامية-المسيحية وتنظم فعاليات لتعزيز التلاقي الروحي.
تدير ليليا منذ 2017 مهرجان الأيام المقدسة في ستراسبورغ الذي يعتبر فضاءً فريداً للموسيقى الدينية المشتركة ويستقبل عروضاً مجانية لفائدة الشباب، إيماناً منها بأن تغيير النظرة للآخر مفتاح للتقارب وليس مجرد تقارب العقائد.
تستلهم ليليا من مبادرات البابا فرنسيس، خاصة زيارته إلى لامبيدوزا ونداءاته للإنسانية الجامعة، وتذكر كذلك توقيعه لإعلان الأخوة مع شيخ الأزهر. ترى أن الحوار الحقيقي في صميم الإنسانية وأن مستقبل السلم الأهلي يمر عبر الانفتاح على الآخر.