في كل عام، يتحول شهر أكتوبر في اليابان إلى حدث استثنائي يُسمى "كامياريزوكي" في منطقة إيزومو، حيث تقول الأسطورة إن جميع الآلهة اليابانية، والذين يُرمز إليهم عادة بعدد ثمانية ملايين، يتركون معابدهم المتناثرة في أنحاء البلاد ليجتمعوا هناك. هذا الاجتماع الأسطوري يمنح شهر أكتوبر سمةً فريدة؛ إذ يُعرف في باقي أنحاء اليابان باسم "كانّازوكي"، أي الشهر الذي تخلو فيه البلاد من الآلهة، ما يعكس احترامًا عميقًا للفكرة الروحية للغياب والحضور.
ترتكز هذه العادة على المعتقدات الشنتوية، حيث يُمَثِّل الإله كامي قوى الطبيعة وأرواح الأسلاف والأشياء المقدسة. وتُقام في إيزومو خلال هذا الشهر طقوس استقبال الآلهة، حيث يصطف الناس على الشواطئ ويقرعون الطبول احتفالًا بوصول الحضور الروحي إلى معبد إيزومو تايشا، أحد أعرق المعابد اليابانية. لا شك أن اجتماع الكامي يُعَدّ مناسبة فريدة للحوار بين القوى الروحية حول شؤون البشر، وفقا للمرويات الشعبية، في مشهد يعكس التداخل بين الروحاني والاحتفالي في الثقافة اليابانية.
بعيدًا عن الرمزية الدينية، أصبح هذا الشهر فرصة للتأكيد على أهمية الهوية التاريخية للمناطق، واليوم يجتذب المهرجان زوّارًا وسائحين من جميع أنحاء اليابان والعالم، ليس فقط تأملًا في قداسة المكان والزمان، بل رغبةً في عيش لحظة تواصل مع الأسطورة الحية. إن سرّ "كامياريزوكي" يبرز كيف يتمسّك المجتمع الياباني بتراثه الروحي ويدمجه بسلاسة في مجريات الحياة الحديثة، جاعلًا من التجمع السنوي للآلهة حكاية متجددة حول الذاكرة والإيمان والجماعة.