تشهد فرنسا قضية قضائية صادمة بعد توجيه تهمة محاولة التسميم لمربية جزائرية تبلغ من العمر 42 عاماً، كانت تعمل لدى عائلة يهودية في ضاحية قريبة من باريس. المربية، التي يُشار إليها باسم ليلى ي.، يشتبه في أنها دخلت فرنسا بطريقة غير قانونية، وحصلت على عمل كمربية للأطفال مستخدمة بطاقة هوية بلجيكية مزوّرة، قبل أن تتحول علاقتها بالعائلة إلى ملف جنائي يحمل أبعاداً معادية للسامية.
وفق المعطيات المتداولة في الصحافة الأجنبية، تتهم النيابة ليلى بأنها قامت بمزج مواد كيميائية منزلية، من بينها سوائل تنظيف وتبييض، بطعام العائلة ومشروباتها، بما في ذلك زجاجات نبيذ وأطباق استُهلك بعضها من قبل أفراد الأسرة، إضافة إلى الاشتباه في تلويث بعض مستحضرات التجميل الخاصة بالأم. العائلة بدأت تشعر بالريبة بعد ملاحظة روائح غير طبيعية وطعم غريب في بعض الأطباق والمشروبات، إلى جانب إحساس بالحرقة وعدم الارتياح عند استخدام منتجات معيّنة، ما دفعها إلى إبلاغ السلطات ووقف استهلاك المواد المشبوهة.
عنصر التحوّل الحاسم في مسار التحقيق جاء من شهادة الطفلة البالغة من العمر خمس سنوات، والتي أكدت أنها رأت المربية وهي تسكب سائلاً صابونياً في زجاجة تحتوي على مشروب كحولي في المنزل. هذه الشهادة عززت فرضية التسميم المتعمد، ودفعت المحققين إلى إجراء تحاليل مخبرية كشفت وجود مركبات كيميائية ضارة في بعض العينات، وإن لم يترتب عليها حتى الآن ضرر جسدي دائم لدى أفراد الأسرة، بفضل توقفهم المبكر عن استهلاك تلك المنتجات.
البعد الأخطر في القضية يتمثل في الطابع المعادي للسامية الذي نسبته النيابة إلى المتهمة. تقارير إعلامية تشير إلى أن ليلى أدلت خلال التحقيق بأقوال تحمل كليشيهات نمطية ضد اليهود، من قبيل أنهم “يملكون المال والسلطة”، وأن العمل لدى عائلة يهودية “جلب لها المشاكل”، كما أظهرت فحوص هاتفها عمليات بحث ومضامين رقمية ذات حمولة عدائية تجاه اليهود. هذه العناصر دفعت القضاء إلى اعتماد ظرف «معاداة السامية» لتشديد الوصف الجنائي للتهم الموجهة إليها.
دفاع المتهمة يحاول التقليل من البعد العنصري للقضية، معتبراً أن الأمر يتعلق بنزاع اجتماعي ومالي بين عاملة بدون أوراق قانونية وعائلة ميسورة، في حين ترى العائلة ومنظمات يهودية أن ما حصل يدخل في سياق مناخ متوتر يتسم بتصاعد الأعمال المعادية لليهود في فرنسا منذ حرب غزة. وتُدرج هذه القضية ضمن سلسلة حوادث أثارت قلق الجالية اليهودية والرأي العام، مع شعور متزايد بانعدام الأمان حتى داخل الفضاء الخاص، أي المنزل، الذي يفترض أن يكون آخر خط دفاع أمام الكراهية والعنف.