يوافق يوم الإثنين 15 ديسمبر 2025 في التقويم الميلادي بداية عيد حانوكا (حنوكا/عيد الأنوار) في التقويم العبري، ويمتد الاحتفال به ثمانية أيام متتالية حتى 22 ديسمبر تقريباً، مع العلم أن الأعياد اليهودية تبدأ فعلياً عند غروب شمس اليوم السابق. يرتبط توقيت العيد بالشهر العبري «كسلو»، ويأتي كل عام في أواخر الخريف أو بداية الشتاء حسب تزامن التقويم القمري-الشمسي العبري مع التقويم الميلادي
يعود أصل عيد حانوكا إلى أحداث تاريخية تعود إلى سنة 164 قبل الميلاد تقريباً، حين شهدت منطقة يهودا انتفاضة المكابيين ضد الحكم السلوقي واستعادت الجماعة اليهودية السيطرة على أورشليم (القدس) وتطهير الهيكل. يرتبط العيد بما يُعرف بـ«معجزة الزيت»، حيث تروي التقليدات أن كمية صغيرة من زيت الطهارة، تكفي ليوم واحد، ظلت تغذي المنارة في الهيكل ثمانية أيام إلى أن أُعد زيت جديد، وهو ما أصبح رمزاً لاستمرارية النور والعبادة رغم الظروف الصعبة.
يُترجم هذا البعد الرمزي في الممارسة الدينية عبر إضاءة الشمعدان الخاص بحانوكا (حانوكّيا) ذي الفروع الثمانية بالإضافة إلى شمعة مساعدة، حيث تُضاء شمعة جديدة كل ليلة حتى تكتمل ثماني شمعات في الليلة الأخيرة. يحمل هذا الطقس دلالة على زيادة النور يوماً بعد يوم، وربطه بمعاني الصمود الديني والثقافي في مواجهة محاولات الطمس أو الإكراه الديني. كما تُقرأ نصوص دينية خاصة، وتُنشد أغانٍ تقليدية، وتُذكر قصص المكابيين في إطار عائلي وجماعي.
يحمل العيد أيضاً بعداً اجتماعياً واضحاً؛ إذ يرتبط بالعائلة والبيت أكثر مما يرتبط بالمعبد مقارنة بأعياد يهودية أخرى، إذ تُضاء الشموع في المنازل وتتوضع على النوافذ أو في أماكن ظاهرة نسبياً، في إشارة إلى إعلان الذاكرة الدينية في الفضاء العام. كما ترافق العيد أطعمة تقليدية مقلية في الزيت، مثل «اللاتكس» (فطائر البطاطس) أو حلويات محشوة، بما يذكر بعنصر الزيت في قصة العيد، ويُقدَّم للأطفال عادة «نقود حانوكا» أو هدايا رمزية.
من زاوية التقويمات الدينية، يبرز حانوكا مثالاً على كيفية تداخل الزمن الديني مع الزمن المدني؛ فهو عيد متحرك في التقويم الميلادي لكنه ثابت تقريباً في دورته العبربة السنوية. هذا التداخل يفرض على الجاليات اليهودية، خاصة في الدول ذات الأغلبية غير اليهودية، تنسيقاً مستمراً بين الإيقاعين: الدراسي والمهني من جهة، والزمن الطقسي المرتبط بأيام الصوم والأعياد من جهة أخرى. كما يسلط الضوء على دور الأعياد في حفظ الذاكرة التاريخية والدينية لجماعة ما، وتحويل حدث سياسي-عسكري قديم إلى مناسبة تحمل دلالات هوياتية وثقافية معاصرة.