المفتي إبراهيم أبو محمد يطمئن الأستراليين بعد هجوم بونداي

أضيف بتاريخ 12/15/2025
دار سُبْحة

أدان مفتي أستراليا ونيوزيلندا الدكتور إبراهيم أبو محمد الهجوم في شاطئ بونداي، مؤكدًا تضامنه مع الضحايا ومعلناً أن المواطنة والأخوّة يجب أن تتقدّما على أي انتماء آخر. شدّد على أن «هذه الأفعال الإجرامية تتعارض مع القيم الدينية والإنسانية والوطنية الأسترالية»، داعيًا إلى التهدئة وعدم الانجرار إلى خطاب الكراهية أو تسييس ما حدث قبل اكتمال التحقيقات.



قال المفتي إن أستراليا «بلد يقوم على التعددية» يضم أكثر من مئتي جنسية وأكثر من 120 معتقدًا، معتبرًا أن الحفاظ على هذه التعددية «نعمة كبيرة» تستوجب حماية النسيج الاجتماعي، وألا يكون المجتمع «صدى لما يحدث في الشرق الأوسط». ووصف ما جرى بأنه «حدث غريب وبشع في صورته»، لكنه أكد أن إرادة المجتمع لن تنكسر في مواجهة الكراهية والعنف والتطرف.

وفي تعريفه للانتماء والسلوك، لفت إلى أن «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده»، وأن المخالف في الدين أو الرأي ليس «الآخر النقيد»، بل إن «الآخر النقيد هو من يفعل الشرّ». ودعا إلى رفض أي منطق يختزل العلاقات الإنسانية في صراعات الهوية أو منشأ الأفراد، إذ «لا يجوز أن نفسد لوحة التنوع الجميلة» التي تميّز أستراليا.

أشار المفتي إلى أن مشهد التدخل الشجاع لمواطن مسلم لوقف مطلق النار يكتمل مع حقيقة أن «من مزيد من القتل تم أيضًا على يد شخص مسلم»، في إشارة إلى أن الهويات الدينية لا تختزل الأفعال ولا تفسّرها بذاتها، وأن معيار الحكم يجب أن يبقى القانون والإنسانية والمواطنة. وأكّد رفض «الذنب الجماعي»، فلا تُحمَّل المجموعات وزر فعل فردي شاذ، ولا تُحمَّل مؤسسات الدولة ومسؤولوها تبعات جريمة معزولة.

وعن آثار الهجوم، نقل المفتي دعوة رئيس حكومة نيو ساوث ويلز كريس مينز للتبرع بالدم لصالح المصابين، مذكّرًا بآلاف الجالسين على أسرّة الشفاء ومنهم من حالته حرجة. واستحضر نصوصًا قرآنية تؤكد حرمة الدماء وقدسية النفس الإنسانية: «من قتل نفسًا بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا» و«من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا». وقال: «أرى أن التبرع بالدم واجب على كل قادر، وسأكون أول المتبرعين اليوم بإذن الله، وهذا أقل ما نقدمه للجرحى ولمجتمعنا».

وفي رسالته إلى الجالية اليهودية، طمأن المفتي إلى أن «العلاقة لن تهتز والثقة بيننا باقية»، وأن الجميع «تحت مظلة واحدة اسمها المواطنة الأسترالية». وأكد روابط الأخوّة الإنسانية الجامعة، مستشهدًا بقيم صلة الرحم والقرابة بين بني البشر، ومجددًا الدعوة إلى مواصلة العيش المشترك والزيارات المتبادلة والعلاقات الطبيعية التي لا يبرر زعزعتها أي اعتداء.

واستحضر المفتي سجل أستراليا الطويل في الأمان والاستقرار عبر عقود، معتبرًا ما وقع «نقطة مظلمة» لا تغيّر حقيقة المجتمع ولا قواعده؛ القاعدة هي «التوافق والانسجام وقبول الآخر»، أما الشذوذ «فخللٌ في الفكر يتبعه خللٌ في السلوك». وختم بدعوة واضحة: لا لاستيراد الصراعات الخارجية، نعم للتعاون مع الجهات الأمنية، نعم للحقائق الموثوقة، نعم لخطاب يُعلي كرامة الإنسان ويصون التعددية.