تحوّلات دينية تعيد تشكيل هوية الجيش الإسرائيلي بعيداً عن إرثه العلماني

أضيف بتاريخ 10/06/2025
دار سُبْحة


عرف الجيش الإسرائيلي خلال العقود الأخيرة تزايداً مطّرداً في حضور المرجعيات الدينية داخل بنيته التنظيمية والثقافية، بما في ذلك توسّع نفوذ الحاخامية العسكرية وتنامي انخراط الشرائح المنتمية إلى التيار الديني القومي. وقد أسهم هذا المسار في إعادة تعريف طبيعة المؤسسة العسكرية بعيداً عن الصورة التي تصوّرها الآباء المؤسسون كجيش مهني غير مؤدلج دينياً.

برزت نقاط تحوّل مفصلية منذ حرب 1967 التي عمّقت النزعة القومية–المسيانية في الخطاب العام، وتجلّى ذلك لاحقاً مع تعيين الحاخام العسكري أف يخاي رونِسكي سنة 2006، وهو من رموز التيار الديني القومي وسكان المستوطنات، حيث دفع باتجاه اقتراب رجال الدين من الوحدات القتالية لبثّ الحماسة وتعزيز القناعة بـ“مشروعية المهمة” على نحو يرتبط بأفق “إسرائيل الكبرى”.

على المستوى الديموغرافي المهني، شجّعت المؤسسة العسكرية منذ الثمانينيات انضمام المتدينين القوميين إلى الوحدات القتالية في ظل تراجع إقبال شبّان الكيبوتسات والطبقات الوسطى العلمانية على المسارات القتالية واتجاههم نحو تخصصات تكنولوجية. أُنشئت ترتيبات مؤسسية ملائمة للمجندين المتدينين، ما ساعد على استقطاب عناصر منضبطة وملتزمة، لكنه أتاح في الوقت نفسه للحاخامات ذوي التوجّه القومي التأثير على الأعراف الداخلية، بما في ذلك مواقف محافظة إزاء تجنيد النساء.

تشير المعطيات المتداولة إلى تمثيل مرتفع لأتباع التيار الديني القومي في المستويات القيادية الدنيا والوسطى للوحدات البرية، مع تقديرات بأن ربعاً إلى ثلث مجندي وحدات القتال يتبنون هذا التيار، وارتفاع ملحوظ في نسب المرشحين الدينيين لسلك الضباط مقارنة بالتسعينيات. وإلى جانب ذلك، باتت الرموز الدينية والتعليمات الشرعية أكثر حضوراً في المجال العسكري، انعكاساً لتحوّل ثقافي مؤسسي تَشكّل عبر تراكمات طويلة.