تمدّد نفوذ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بتنظيم القاعدة في الساحل، من مالي وبوركينا فاسو والنيجر إلى بنين وتوغو، مع أول اختراق في نيجيريا هذا العام. منذ تأسيسها عام 2017 على يد الطوارقي المالي إياد أغ غالي، رسّخت الجماعة موقعها كأخطر تنظيم مسلح في الساحل وغرب أفريقيا، مستندة إلى دائرة صلبة حول زعيمها تضم قدامى المقاتلين ووعّاظاً تحوّلوا إلى مخطّطين، إضافة إلى جيل جديد أكثر اندفاعاً.
يُدير أغ غالي، البالغ 71 عاماً، هذا الهيكل عبر نواة قيادية تتقدّمها شخصية ميدانية نافذة هي سِدان أغ هيته، الملقّب أبو عبد الحكيم الكيدالي. بدأ مساره جندياً منشقاً، تنقّل بين الحركات المتمردة قبل أن يلتحق بصفوف الجهاديين، وتدرّج حتى أصبح الرجل الثاني في الجماعة عام 2019. يمسك بملف «الرهائن ذوي القيمة»، ويتولّى صلاحيات قرار تتعلق بالفدية ومصير المحتجزين، إلى جانب دوره العملياتي في معارك مفصلية مثل تنزواتن في يوليو 2024.
إلى جانبه يبرز أمادو كوفا، قائد كتيبة ماسينا وركيزة تمدّد الجماعة في وسط مالي. بدأ كواعظ من قومية الفُلان، واستثمر تظلّمات محلية لبناء قاعدة تجنيد واسعة. يحافظ كوفا على علاقة تنسيقية متينة مع أغ غالي، ويشغل موقعاً دائماً في المجلس الاستشاري المركزي الذي يبتّ في الخيارات الأيديولوجية والعملياتية والجغرافية.
اعتمدت الجماعة نموذج التقسيم الإقليمي إلى «مناطق» يتولّى كلّ منها أمير يقود الهجمات ويستقطب المقاتلين ويجمع الزكاة ويوفّر المعلومات الاستخبارية. في غاو يتولّى حمزة التبنقرطي (حمامة ولد الحوير) القيادة، وهو مخضرم اشتهر بخبرته في المتفجرات وتدرّجه بعد تصفية سلفه. في تمبكتو يقود العمليات أبو عبد الرحمن الجزائري، الذي أعاد هيكلة إمارة «الفرقان» بعد إقصاء سلفه لضعف النتائج. أما في سيكاسو فبرز والي الدين ساكو، الذي صعد بعد اعتقال مرشده السابق وتولّى ضرب خطوط الإمداد بالوقود وشنّ هجمات نوعية جنوب البلاد.
يتوزّع النفوذ كذلك في منطقة «الگرمة» و«العربندا» بين أبي حمزة الشنقيطي، وهو موريتاني متعدّد الكُنى والمسارات، قاد مبكراً معسكرات تدريب وتولى تنسيق الهجمات على حدود ثلاث دول، وفي بوركينا فاسو يقود جعفر ديكو جماعة أنصار الإسلام، وقد حوّلها إلى رأس حربة التوغّل نحو الساحل الأطلسي، مستفيداً من الفراغات الأمنية منذ 2022 وتوسّع نطاق العمليات إلى مدن عدّة. وفي النيجر برز «أبو حنيفة» مؤسس الفرع المحلّي الذي يستهدف محاور التجارة الإقليمية ويركّز على ممرّات قادمة من موانئ كوتونو ولومي وتمتد إلى شمال بنين وتوغو.
بالتوازي، تظهر «حرس جديد» أكثر حركية. يتقدّمه محمود باري، الذراع الدعوية لأمادو كوفا والمتحدث العملي لكتيبة ماسينا، الذي أعلن سلسلة حصارات على مدن في غرب ووسط البلاد عام 2025، وصار عضواً في مجلس القرار. وعلى المستوى الإعلامي يتقدّم بينا ديارا (أبو حذيفة البنباري) بوصفه واجهة الرسائل الميدانية، من إعلان حصار باماكو إلى تنسيق ما بات يُعرف بـ«حرب الوقود». هذه الإطلالة تراهن على توسيع التجنيد خارج القواعد التقليدية، بإظهار مشاركة مكونات محلية غير معتادة. وفي بوركينا فاسو يتولّى عثمان ديكو، شقيق جعفر، مهمة تبنّي العمليات وبثّ الرسائل المصوّرة، إلى جانب دوره القيادي في ساحات محددة.
تكشف هذه البنية المتعدّدة الطبقات كيف يمزج التنظيم بين قيادة تاريخية ترسم الاتجاه العام، وأمراء أقاليم يديرون التموضع والهجمات، وأذرع دعوية وإعلامية تُمسك بإيقاع النفَس الطويل للحرب. بهذه الشبكة، يواصل إياد أغ غالي إحكام السيطرة على جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتوسيع حضورها عبر الساحل وغرب أفريقيا، مع دينامية تبديل مستمرة في المواقع تُبقي الجهاز التنفيذي في حالة جهوزية وتكيّف مع الضربات الأمنية والعسكرية.


