بعد أشهر من المنع والتأجيل، يعود فيلم «الملحد» إلى قاعات السينما بقرار قضائي أعاد فتح ملف حرية الإبداع في مصر. العمل يتناول قصة شاب يتأثر بأفكار مضللة تدفعه للشك في إيمانه، ما أطلق نقاشاً واسعاً حول حدود الفن ومسؤولية الخطاب السينمائي، وتجاوز الجدل سؤال الجودة الفنية إلى السؤال الأخلاقي والقانوني.
يرى الناقد السينمائي طارق الشناوي أن المنع ليس حلاً، وأن الأفكار تُناقش لا تُحظر. يذكّر بأن الحديث عن الإلحاد لا يعني الترويج له، تماماً كما لا يعني تناول المخدرات سينمائياً الترويج لها. وقد رأت المحكمة أن عرض «الملحد» لا يخالف القوانين.
المخرج هاني فؤاد يعتبر أن توقف الفيلم كان متوقعاً لحساسية الموضوع في مجتمع محافظ، لكن عودته للعرض خطوة نضج تمنح الفن مساحة لطرح الحوار من دون أن يتحول إلى تخوين أو تكفير.
ويشير الناقد الفني هان المتولي إلى أن الضجيج حول اسم المؤلف إبراهيم عيسى وعنوان الفيلم غطّى على تقييم الجودة الفنية، وأن الأحكام المسبقة قادت إلى دعوات المنع، وهو ما يعدّه خطأ جوهرياً.
على مستوى الجمهور، بدا الانقسام واضحاً منذ الإعلان عن العنوان واسم الكاتب، قبل المشاهدة. هناك من يرى أن حرية الإبداع يجب أن تُمارَس ضمن قيم المجتمع، ويتهم المؤلف بالشطط وهدم الثوابت، في مقابل من يشكّك أصلاً في جدوى المنع، مذكّراً بأن أعمالاً مُنعت سابقاً عادت لتُعرض وحققت جماهيرية واسعة.
الموافقة القضائية على عرض «الملحد» قد لا تُنهي الجدل، لكنها تُعيد طرح السؤال المركزي: هل تتسع مساحة النقاش الفني في مصر عندما يقترب عمل من مناطق حساسة، أم أن الجدل سيظل ملازماً لكل محاولة تلامس تلك الحدود؟


