لا فكاهة في الجنة

أضيف بتاريخ 09/24/2025
دار سُبْحة


يتناول كتاب "لا توجد فكاهة في الجنة" للباحث دواين إيوتسي الصورة المتداولة عن مارك توين بوصفه ناقداً للدين أو ملحداً، ويعيد النظر فيها من خلال دراسة علاقته بالدين الليبرالي في عصره. يستند العنوان إلى مقولة لتوين، تؤكد أن الفكاهة لا تنبع من الفرح بل من الحزن، وهو ما يربطه الكاتب بفهم توين العميق لدوره ككاتب كوميدي يضفي معنىً على معاناة البشر دون أن يفقد البعد الديني في رسالته.

يمر الكتاب بمراحل التغير في حياة توين ويعرض صداقاته مع رجال دين ليبراليين من المسيحية واليهودية وحتى المهتمين بالفكر الهندوسي. ويركز على شغف توين بفكرة أن الدعوة الحقيقية في الحياة لا تختلف كثيراً عن الدعوة الكنسية، وأنه اعتبر نفسه أحياناً "واعظاً بالإنجيل"، رغم انحيازه للكوميديا كوسيلة لنقد المعتقدات الجامدة والخرافات القديمة التي تسيء للدين وتبعده عن جوهره.

يبرز المؤلف أن توين لم يكن معادياً للدين بقدر ما كان ناقداً للطقوس الجامدة، ويرى في الفكاهة أداة لتحرير الخطاب الديني من التقليد ودفعه لتجديد نفسه بما يتناسب مع العالم الحديث. في نظر توين، لم تكن الكتابة الكوميدية سوى "زينة" للمواعظ التي كان يكتبها عن الحزن الإنساني.

ويخلص الكتاب إلى أن مارك توين بقي طوال حياته يصوغ رسالة روحية تقوم على جعل حزنه مصدر بهجة للآخرين دون أن ينفصل عن فكرة النداء السماوي، محققاً رؤية تقول إن الفكاهة ليست إلا عطراً يصاحب الرسالة الدينية ويمنحها القوة في عالم لا يشبه الجنة كثيراً.